حتى نلتقي - حرب
بقلم: يوسف ابو جعفر (ابو الطيّب) | 10 أكتوبر 2025
أصوات الحرب تتوقف، من يدري؟ لستُ في معرض اتخاذ قرار؛ بل ككل إنسان أكره الحروب. أريدها أن تتوقف، فكل حروب الدنيا ليست هي الهدف، بل ما يأتي قبلها وبعدها هو الذي تتوقف عليه الحسابات بين الخسارة والربح.
نحن شعب يهوى التحليل السياسي؛ يجري في عروقنا دون جهد. لا أقول ذلك عبثًا — فهذه حقيقة — لكنّ تحليلنا ينطوي غالبًا على محلِّلٍ جالسٍ خلف هاتف أو مكتبٍ دون الوصول إلى مصدر المعلومات، ونطلق لخيالنا العنان مرتكزين على قناعات شخصية أو دينية أو أيديولوجية، هكذا دواليك.
فَتحليل الغالب منا مجرد هرطقاتٍ مبنية على نزعةٍ مفادها: «لن يُحاسبنا أحد لو أخطأنا». وربما الأفضل أن يكون ثمّة تحليلٌ جديد يجيب عن سؤال: لماذا أخطأ التحليل الأول؟ ها هو التحليل الجديد.
عالم المفاوضات له قوانين، والدبلوماسية لها قوانين، وموازين القوى لها قوانين، والمصالح الدولية تفرض الأمر بقوتها ورغبتها؛ وليس ذلك مرهونًا بتناسق طلبات الشعوب والحكومات. فالرأي العام العالمي مهم، ولكن الأهم منه القدرة على تحويله إلى رأيٍ لدى الحكومات التي تتحكّم في القرار.
لن أحلل واقع الحرب؛ ليس لأني لا أملك القدرة، بل لأنني أعلم أن النصر أو الهزيمة سنراه خلال خمس إلى عشر سنوات من الآن. فقط عندها نستطيع أن نقيم نتائج الحرب على الفلسطينيين.
على الجانب الإسرائيلي، سنعرف خلال عام نتيجةَ الانتخابات وأي جهةٍ ستكون صاحبةَ القرار. لقد عاشت إسرائيل آثارَ حرب العاشر من رمضان — حرب الغفران، باسمها العربي والإسرائيلي — كمحاولةٍ لإثبات علوِّها وتطوّرها في كل المجالات، ومتحكمةً في شعبٍ آخر وأرضٍ ليست لها بطرق عديدة، أهمها سياسةُ «فرق تسد». ولقد نجحت في ذلك أيما نجاح. والسؤال المتبقي الآن: هل سندرك ذلك محليًا وإقليميًا؟
نريد لهذه الحرب أن تنتهي؛ ليس شعارًا بل واقعًا. نريد للشعب الفلسطيني أن ينعم بالحرية، أسوةً ببقية شعوب الأرض التي تنعم بالحرية الكاملة، وليست المصطنعة — تلك التي تكفل حقّ الإنسان.
إن أي حديثٍ عن وقف الحرب دون تحركٍ فعلي نحو هذا الاتجاه، وليس مثلما تفعل «سلطةُ الضفةِ الغربية»، ما هو إلا استراحةٍ للمقاتل؛ وبعد حينٍ ستعود الحرب. ليس لأن الإسرائيليين أو الفلسطينيين يهون الحرب، بل لأن انعدام العدل يدفع الأرض نحو البحث عن توازنٍ جديد، ولو بعد حين
وحتى نلتقي، نستودع الله المشردين والمقهورين ورحم الله من ماتوا في هذه الحرب وربهم أعلم بهم منا، ونقول إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين.