محكمة بئر السبع تقبل التماس أهالي راس جرابة ضد مخطط توسيع ديمونا وتهجيرهم
تقرير: ياسر العقبي | 25 يونيو 2025
أصدرت محكمة الشؤون الإدارية في بئر السبع، يوم الإثنين (24 حزيران 2025)، قرارًا قضائيًا هامًا يقضي بقبول الالتماس الذي قدمه مركز عدالة باسم سكان قرية راس جرابة مسلوبة الاعتراف وجمعية "بمكوم – مخططون من أجل حقوق الإنسان"، والتماس جمعية حماية الطبيعة، ضد مخطط "شرق ديمونا"، الذي يهدف إلى إقامة حي سكني جديد على أراضي القرية، وذلك بعد أن تبيّن وجود عيوب جوهرية في المخطط.
وقضت المحكمة، برئاسة نائبة رئيس المحكمة المركزية القاضية ياعيل راز-ليفي، بإلغاء قرار لجنة الاعتراضات التابعة للجنة اللوائية للتخطيط والبناء في الجنوب، وأمرت بإعادة المخطط إلى اللجنة لإعادة النظر في مدى استيفائه الشروط اللازمة، بما في ذلك إعداد تقرير لتقييم الأثر البيئي، وتنفيذ الشرط الذي كانت اللجنة قد أقرّته سابقًا، وهو فحص إمكانية دمج سكان راس جرابة في المخطط الجديد بـ"رحابة صدر ونية صادقة" وهو الأمر الذي رفضت سلطة أراضي إسرائيل القيام به.
وقال مدير مركز عدالة في النقب، المحامي مروان أبو فريح، في حديث لموقع قناة "يوم البادية": "قرار المحكمة يُشكل اعترافًا قانونيًا هامًا بأن حقوق سكان رأس جرابة لا يمكن تجاهلها أو شطبها من الخريطة. السكان يعيشون في القرية منذ عقود، وذلك بمعرفة سلطات الدولة وموافقتها الضمنية، حيث قدّمت لهم خدمات طوال هذه المدّة ولم تتخذ أي إجراء ضدهم، وكان من المفترض أن يُدمجوا ضمن التخطيط بدلًا من محاولات اقتلاعهم. القرار يُعيد الأمور إلى نصابها، حيث قضت المحكمة بإلغاء قرار لجنة الاعتراضات التابعة للجنة اللوائية للتخطيط والبناء في الجنوب، وأمرت بإعادة المخطط إلى اللجنة لإعادة النظر في مدى استيفائه الشروط اللازمة، بما في ذلك إعداد تقرير لتقييم الأثر البيئي، وتنفيذ الشرط الذي كانت اللجنة قد أقرّته سابقًا، وهو فحص إمكانية دمج سكان راس جرابة في المخطط الجديد. ومع ذلك، من المهم التوضيح أن أمر الإخلاء لا يزال مطروحًا أمام المحكمة العليا، في إطار طلب استئناف قدّمه السكان وما زال قيد النظر. لذلك، لا تزال المعركة القضائية مستمرة، ونأمل أن يكون هذا القرار خطوة في اتجاه تصحيح الظلم التاريخي الذي يتعرض له أهالي راس جرابة وقرى النقب".
يُشار إلى أن سلطة أراضي إسرائيل كانت قد قدمت عام 2019 دعاوى إخلاء ضد جميع سكان القرية، بدعوى أنهم "متسللون" لا يملكون أي حقوق في الأرض. ورغم أن المحكمة المركزية أقرت بأن السكان يعيشون في الموقع منذ عشرات السنوات بإذن الدولة، فقد أجازت إخلائهم، وهو ما يخضع حاليًا للنظر أمام المحكمة العليا، ضمن طلب استئناف قدّمه السكان. وكانت الدولة قد أقرت خلال الجلسة التي عقدت أمام المحكمة العليا بشهر مارس/آذار بعدم وجود حلول سكنية بديلة متاحة وفورية لسكان راس جرابة.
منذ بداية الإجراءات، عبّر سكان راس جرابة عن رغبتهم الواضحة في أن يكونوا جزءًا من ديمونا، التي تشكل مركز حياتهم، ومن تطور المدينة ومن الحي الجديد. وفي اعتراضهم على المخطط، قدم السكان، بالتعاون مع جمعية "بمكوم"، بدائل تخطيطية لدمجهم بالمخطط إلا أن الجهات الرسمية رفضت باستمرار النظر فيها واصرت على الحل المتاح الوحيد هو نقلهم إلى بلدة بدوية أخرى..
وصرّح مركز عدالة وجمعية "بمكوم"، اللذان يمثلان سكان راس جرابة: "نعتبر هذا القرار خطوة مهمة تُجبر سلطات الدولة على التعامل بجدية مع البديل المنطقي والعادل، وهو دمج سكان راس جرابة ضمن المخطط الجديد، بما يضمن بقاءهم في اراضيهم. القرار يكشف أن سلطة أراضي إسرائيل، لم تدرس إطلاقًا إمكانية دمج السكان. سكان راس جرابة يسكنون المنطقة بمعرفة سلطات الدولة وموافقتها منذ عقود حتى وفقًا لقرار المحكمة المركزية وعليه كان على سلطات الدولة، وعلى رأسها سلطة اراضي اسرائيل، أن تأخذ بعين الاعتبار حقوقهم واحتياجاتهم ودمجهم في المخطط بدل الاصرار على اخلائهم. تعامل سلطة اراضي اسرائيل في هذه القضية يعكس سياسة متعمّدة التمييز والفصل العنصري تهدف إلى الحفاظ على الطابع اليهودي للمدينة. كما وتُسلّط هذه القضية الضوء على الأبعاد العنصرية لسياسات الإخلاء القسري الممنهجة ضد سكان القرى البدوية في النقب، ضمن مساعٍ ممنهجة لتهويد الحيّز وتقليص المساحة الحياتية المتاحة للبدو".
وجاء في بيان صادر عن لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، أن "الجهود المشتركة لمركز "عدالة" ولجنة التوجيه العليا لعرب النقب ومنتدى السلطات المحلية العربية في النقب والمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، بإنجاز قانوني هام، حيث قررت المحكمة المركزية قبول الالتماس الذي تقدم به "عدالة" ضد مخطط "حارة دافيد ليفي" في مدينة ديمونا، والذي كان من المزمع إقامته على أراضي قرية راس جرابة".
وتابع البيان أن "قرار المحكمة القاضي بإعادة المخطط إلى لجنة التخطيط لدراسة تداعياته من جديد، يشكل فرصة ثمينة لمواصلة العمل المهني والدؤوب من أجل إفشال هذا المخطط الذي يهدد بتهجير قسري لسكان قرية راس جرابة وطمس وجودهم على أرضهم".
وشدد البيان أن "هذا الإنجاز هو ثمرة تضافر الجهود القانونية والمهنية والشعبية، ويؤكد أهمية استمرار الحراك الشعبي والسلمي والمنظم حتى تحقيق كامل مطالبنا في الاعتراف بقرانا ونيل العدالة الاجتماعية".
وختمت لجنة التوجيه بيانها بالقول "نتوجه بالشكر والتقدير لمركز "عدالة" ولكافة الأطر والمؤسسات التي عملت ضمن إطار قيادة النقب الموحدة، ونخص بالشكر الجماهير الوفية وخصوصًا أهالي قرية راس جرابا، الذين بادروا وتمسكوا بحقوقهم في رسم مستقبلهم على أرضهم. معًا حتى انتزاع حقنا المشروع في العيش بكرامة فوق أرض الآباء والأجداد".