"الترامبزم" يعني أيضًا أميركا كشركة حراسة؛ السعودية كنموذج
بقلم: د. عامر الهزيل | 12 مارس 2025
في استعراضنا لمعالم "الترامبزم" في مقال سابق، ذكرنا أن من بين ركائزه السياسية دبلوماسية المردود الاقتصادي المباشر في العلاقات الدولية، حيث يُنظر إلى هذه العلاقات على أنها مجرد صفقات وعقود تجارية وخدماتية. في هذا السياق، لا يوجد معنى للإحساس بالكرامة الوطنية للطرف الآخر أو بتراثه وعاداته. حتى المبادئ والطقوس الإيمانية الخاصة بالطرف الآخر، مثل الحج، تُعتبر جزءاً من المفاوضات. كل شيء هنا قابل للتداول، ويتمحور حول توازن الأسعار، والربح والخسارة، والتغيرات في الأسواق العالمية، وأيضاً الحماية مقابل المال. إذن، "الترامبزم" في هذا السياق يعني تصرف أمريكا كشركة حراسة، وعلى السعودية الدفع مقابل هذه الخدمات.
في هذا السياق كان ترامب واضحًا في دورة حكمه السابقة حينما طلب من السعودية الدفع بالدولار مقابل حراسة وحماية النظام واستمراره. ودون أن يكترث بحساسية الدين الإسلامي، طالب السعودية بتقاسم مدخول الحج أيضًا، لأن الله واحد، على حد تعبيره.
في هذه الدورة، صرح ترامب قبل أيام متبجحًا، دون الالتفات لإحراج النظام السعودي: "سنعقد صفقة مع السعودية قريبًا. في فترة حكمي السابقة، دفعوا 450 مليار دولار استلمتها شركاتنا بشكل مباشر. في هذه المرة، قلت لنفسي إنّ السعودية أصبحت أغنى ونحن كبرنا في السن، فطالبتهم بدفع تريليون دولار لشركاتنا على مدار الأربع سنوات القادمة، وما كان أمامهم إلا الموافقة. وعليه، سأزورهم في غضون الشهر والنصف القادم للتوقيع على هذه الصفقة".
خلاصة القول: "الترامبزم" هنا ليست مزاجية شخص ولا ضربًا من الجنون كما يعتقد البعض، بل هو نهج سياسي واستراتيجي واعٍ لخطواته. وفي السياق السعودي، المعادلة واضحة: الحماية مقابل المال، وكثير من المال يصل إلى حد الابتزاز الاقتصادي والإهانة الوطنية. وإذا ما أخذنا في الاعتبار الخلفية الصهيونية المسيحية الإنجيلية لحكومة ترامب، فإن هذه السياسة قد تحمل رمزية الرد على تدفيع الجزية في التاريخ الإسلامي.