تراجم العلماء | أ.د. سارة أبو كف: رحلة أكاديمية ملهمة في عالم الصحة النفسية

كتب: كايد أبولطيّف | 5 مارس 2025

الأستاذة الدكتورة سارة أبو كف (أم الوليد) إحدى الأسماء البارزة في مجال علم النفس الإكلينيكي عبر الثقافات. أخصائية نفسية علاجية وباحثة ومحاضرة في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، ضمن برنامج إدارة وحل النزاعات في جامعة بن غوريون في النقب.

بدأت مسيرتها الأكاديمية بحصولها على درجة البكالوريوس في العلوم السلوكية عام 1999، لتواصل نحو التخصص في علم النفس الإكلينيكي وتحصل على درجة الماجستير، وتابعت دراساتها العليا في برنامج الدكتوراه في نفس الجامعة، حيث ركزت على دراسة الفروق الثقافية بين الطلاب العرب واليهود في مواجهة الضغوط الأكاديمية. كانت أطروحتها مكرّسة لدراسة التكيف النفسي وتأثير هذه الضغوط على الحياة الشخصية والاجتماعية للطلاب، مشددةً على أهمية تطوير برامج تدخل نفسي تلبي احتياجات الفئات المختلفة. بعد حصولها على درجة الدكتوراه، حصلت على منحة ما بعد الدكتوراه من جامعة هارفارد، حيث انضمت إلى قسم الأنثروبولوجيا. في هذا السياق، درست الضغوط النفسية التي تواجهها النساء البدويات وابتكرت برنامجًا مقترحًا للتدخل النفسي لتحسين الصحة النفسية لهذه الفئة المهمشة. لم تُثر هذه المبادرة اهتمام المجتمع الأكاديمي فحسب، بل ساهمت أيضًا في تعزيز الوعي بالقضايا الصحية والنفسية للنساء في المجتمعات العربية.

أحد أبحاثها البارزة تناول التكيف النفسي للمراهقين البدو خلال فترات التصعيد السياسي، حيث أظهرت كيف تؤثر الصراعات العسكرية والسياسية بشكل مباشر على الصحة النفسية لهؤلاء المراهقين. وتوصلت إلى أن موارد مثل الأمل والحصانة النفسية تؤدي دورًا كبيرًا في التخفيف من آثار القلق والتوتر، مما يبرز أهمية تطوير برامج تدخل تتناسب مع احتياجات هذه الفئة.

لجهودها المتواصلة، حصلت أ.د. أبو كف على عدة جوائز تقديرية، منها تكريمها كواحدة من النساء العربيات الرائدات في العلوم من قبل منتدى العلوم العالمي في الأردن عام 2017، وإدراج اسمها في قاعة مشاهير النساء في العلوم التي تنظمها السفارة الأميركية في العاصمة عمان.

تُعتبر أ.د. أبو كف ثاني باحثة تحصل على درجة الأستاذية في النقب، ورائدة في مجال الصحة النفسية والتكيف الثقافي، مع تركيز خاص على الفئات المهمشة، مثل المجتمع البدوي. تُظهر إنجازاتها أهمية دمج الفهم الثقافي في تقديم خدمات الصحة النفسية، حيث قامت بإسهامات قيمة في دراسة العلاقة بين الضعف النفسي والثقافة. هذا التوجه يُظهر كيف أن الأبعاد الثقافية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل التحديات النفسية التي يواجهها الأفراد، مما يعكس إيمانها العميق بأهمية التكيّف الثقافي كجزء من استراتيجيات التدخل النفسي.

ساهمت أ.د. أبو كف في تطوير تدخلات نفسية تتناسب مع احتياجات المجتمع العربي، مُتجاوزة بذلك الفهم التقليدي الذي غالبًا ما يتجاهل الفروقات الثقافية. فالبحث في الضعف النفسي لم يعد يُنظر إليه كحالة فردية، بل كظاهرة متشابكة مع العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا الفهم يعزز من فعالية التدخلات النفسية، حيث تجعلها أكثر قبولًا وتأثيرًا على المجتمع.

تجسد أ.د. أبو كف أيضًا نموذجًا قويًا للإرادة والتحدي. إذ أثبتت من خلال مسيرتها الأكاديمية أن المرأة البدوية قادرة على تحقيق التفوق والنجاح، رغم التحديات العديدة التي قد تواجهها. لقد عملت على رفع مستوى الوعي بقضايا النساء في المجتمع البدوي، مُعززةً بذلك فرص مشاركتهن في العملية التعليمية والبحثية. تأثيرها يتجاوز مجرد الأبحاث والدراسات؛ فقد أصبحت صوتًا يساهم في وضع البرامج والمبادرات التي تهدف إلى الارتقاء بجودة حياة الأفراد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة2007 ، يرجى ارسال رسالة: editor@yomalbadya.com - واتس-آب 972549653332

للحصول على الأخبار أونلاين تابع قناتنا على الواتساب WhatsApp