مصرع عامل من يطا قضاء الخليل بورشة بناء في مركز البلاد
3 نيسان 2025
لم يكن يدري الشاب عماد عبد الحميد حرب (36 عامًا) من مدينة يطا قضاء الخليل أن صباحه الأخير سينتهي تحت كومة من الخرسانة والحديد البارد. لم يكن يدري أن خطواته المعتادة نحو لقمة العيش ستتحول إلى خطواته الأخيرة، وأن صدى صوت معاول البناء سيُدفن معه تحت الأنقاض.
في ورشة بناء بمدينة هود هشارون، كان عماد يزاول عمله كالمعتاد، لا شيء يوحي بأن هذا اليوم سيكون مختلفًا عن سابقه، حتى لحظة السقوط المروّع. كتلة إنشائية ضخمة هوَت من العلو، دون إنذار أو فرصة للنجاة، لتسحق جسده تحتها، تاركة وراءها صمتًا ثقيلًا وذهولًا أصاب زملاءه.
عند الساعة 11:05، تلقى مركز الإسعاف في نجمة داوود الحمراء نداء استغاثة عن عامل محصور تحت الأنقاض في شارع "يونا والاش". هرع المسعفون إلى المكان، لكن الأمل في إنقاذه كان قد تبخّر. أحد المسعفين وصف المشهد قائلًا: "وصلنا بسرعة، رأينا جسدًا محاصرًا، رأسه أصيب بشدة، لا نبض، لا تنفس... لم يكن أمامنا سوى إعلان وفاته".
وفي ذات اليوم، ضرب شبح الموت مجددًا مواقع العمل، حيث أُصيب عاملان آخران في مدينة الطيبة و"كفار يهوشوع" بجراح متفاوتة، في سلسلة لا تنتهي من الحوادث القاتلة التي تطارد العمال.
مجزرة صامتة... والإحصائيات مخيفة
بأرقام صادمة، يكشف عام 2025 عن وجهه القاتم: 19 عاملاً لقوا مصرعهم حتى الآن، في استمرارٍ لمسلسل الموت الذي لا يعرف التوقف. وفي العام الماضي 2024، فقد 69 عاملًا أرواحهم، غالبيتهم من العرب والأجانب، بينما كان العام 2023 الأكثر دموية، إذ بلغ عدد الضحايا 83، نصفهم تقريبًا في قطاع البناء، حيث كان السقوط عن ارتفاع القاتل الأول، يليه سقوط الأجسام الثقيلة الذي أنهى حياة 15% من الضحايا.
كما لقي 73 عاملا مصارعهم في حوادث العمل، في العام 2022. وفي العام 2021 بلغ عدد ضحايا العمل في الصناعة والتجارة والخدمات والزراعة والبناء 66 ضحية، أكثر من نصفهم من عمال البناء العرب.
إنها ليست مجرد أرقام... إنها أرواحٌ خرجت صباحًا بحثًا عن رزقها، وعادت محمولة في الأكفان. بينما تستمر التحقيقات الشكلية، تبقى عائلات الضحايا تنتظر إجابة لن تأتي أبدًا: إلى متى تستمر هذه المجازر الصامتة في ورشات البناء؟