حتى نلتقي - البيت الأسود
بقلم: يوسف أبوحعفر | 7 فبراير 2025
في هذا الصباح الشتوي والرياح والأمطار وبالقرب من المدفأة وكوب القهوة ومن النافذة ترى وتشاهد البرد يطارد الليل قبل بزوغ الشمس تدرك أن هناك من يكره الشتاء لعدم وجود الدفء وهناك من يحلو له البرد ليعيش رومانسية الدفء والمشروب الساخن ويختار مراقبة العالم، شاهدت الأشجار قبل قليل تتراقص مع الريح، أشجار عالية تبدو نخيلًا ولكنه ليس من بلادنا، الريح العاصف كذلك ليست من بلادنا.
ماذا تريد الريح وقد انتهت أيام البرد العصيبة لماذا جاءت، عندما شاهدت أغصان الشجر المستوطن حديثًا كان يدور في خلدي أسئلة كثيرة، هذه الريح ماذا تريد؟ ربما تحدثها نفسها باقتلاع النخيل أو الزيتون أم تراها تزمجر فقط لتخيف الشجر المستوطن قد يكون المستوطن ألغازي من الأشجار قد دعاها سرًا كي تأخذ مكان الزيتون والتين والصبار والأدهى أن 7
تبًا لريح تظن أنها السيد، تبًا لريح تأتي في ليلة بردٍ بدل أن تحمل الدفء تهدد باقتلاع وتدمير وتهجير زيتون بلادي ورمانه والتين وحتى عشبه الأخضر الذي بدأ بالظهور قبل أيام.
أذكر أني قرأت في مكان ما قصة شجرتين إحداهما أطاح بها الريح والأخرى صمدت وعندما سألوا صاحبهما كيف ذلك، قال لقد كانت تلك التي سقطت قريبة من الماء ترتوي دون عناء فلم تمتد الجذور وبقيت دون الغوص في الرمال، أما الصامدة فقد عطشت وجاعت فما كان لها إلا أن تحفر الأرض حتى تعيش فجذورها تعمدت بماء الصخر وتمسكت به فلم تطحها الريح وستبقى صامدة.
هكذا هي أشجار البلاد عميقة الأغصان تشرب الزلال وتأبى الاذلال، تعشق الشمس والحرية ولا تخاف من الغيم ولا الريح اغصانها تتمايل قد يتكسر بعضها قد ينكسر غصن أو جذع هنا أو هناك ولكن تأبى الانصياع للريح الغريبة حتى لو جاءت من البيت الأسود.
البيت الأسود هذا يرسل ريحًا ورسلًا وعواصفًا، يحاول أن يزرع الذرة المهجنة مكان النخيل، والخوخوبا مكان الزيتون والباسفلورا مكان التين، ويقنع الناس أن القمح لا يزرع بل يستورد، حتى إذا جاعوا وقفوا بباب البيت الأسود يتوسلون خبزًا وحكمًا، يجلدهم في الصباح ويعدهم أن لا يفعلها في المساء، ولكنه يرسل إليهم مساءً قدموا قربان الولاء.
وحتى نلتقي، البيوت السوداء لا تستطيع الإتيان بخير، لقد بُنيت على الظلم، وجهها الأسود يتشائم منه الصغير والكبير ولا يقبله إلا قليل الأصل الذي يظن أنه يستطيع تغيير قدر الله، ما جاءت حضارة وتقدمت إلا كان ميزان العدل عمرها، وما حاول أحد اقتلاع شجرة إلا ونمت من جذورها غابة أشجار صلبة شامخة شموخ المآذن والقباب، فزيتوننا سيبقى وصبارنا نحبه كله بشوكه قبل الألواح.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة2007 ، يرجى ارسال رسالة: editor@yomalbadya.com - واتس-آب 972549653332