مظاهرة أمام معتقل سديه تيمان قرب بئر السبع للمطالبة بتحرير د. أبو صفيّة

تقرير خاص بـ"يوم البادية" | 14 يناير 2025

تظاهر العشرات من المواطنين الإسرائيليين، من حركة "نقف معًا" اليهودية العربية، نهاية الأسبوع، أمام مدخل معتقل سديه تيمان شمالي مدينة بئر السبع، للمطالبة بإطلاق سراح مدير مستشفى "كمال عدوان"، الدكتور حسام أبو صفية.

وجاء في بيان للحركة: "الحرية للدكتور حسام أبو صفية - هذا ما نطالب به في المظاهرة أمام معسكر الاعتقال والتعذيب، سديه تيمان. يجب الاحتجاج ضد تدمير المستشفيات في غزة، اعتقال وقتل الأطباء. الدكتور حسام أبو صفية هو مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، وهو المستشفى الأخير الذي كان لا يزال يعمل. اعتقاله لن يجلب الأمن لأي شخص".

ورفع المحتجون اللافتات التي كُتب عليها "الطبيب ليس إرهابيًا" ورددوا شعارات ضد المنشأة العسكرية الأمنية الإسرائيلية، وما يجري داخلها.

جدل محلي ودولي

يقف معتقل سديه تيمان في قلب الجدل المحلي والدولي، حيث يمثل وجهة النظر الإسرائيلية منشأة "أمنية حيوية"، بينما تصفه المنظمات الحقوقية بـ"غوانتانامو الإسرائيلي"، وسط اتهامات بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد المعتقلين الفلسطينيين.

يقع معتقل سديه تيمان داخل قاعدة عسكرية تابعة للقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، على بعد 5 كيلومترات شمال مدينة بئر السبع. أُعيد افتتاحه في أكتوبر 2023 مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وقطاع غزة، لاستخدامه كمركز لاحتجاز المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك عناصر مشتبه بانتمائهم إلى الفصائل المسلحة و"وحدة النخبة" التابعة للجناح المسلح لحركة حماس.

وقد تم تخصيص المستشفى الميداني الملحق بالمعتقل لتقديم الرعاية الطبية للمعتقلين، إلا أن تقارير عديدة تشير إلى استخدامه جاء كغطاء لانتهاكات حقوق الإنسان.

شهادات وتقارير حقوقية

وقالت أنيس كالمار، مديرة فرع الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: "ما يجري داخل سديه تيمان يمثل خرقًا صارخًا للقوانين الدولية. نحن نتلقى شهادات عن التعذيب الجسدي والنفسي، والحرمان من الأساسيات مثل الطعام والعلاج الطبي".

في تقرير مفصل نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في يوليو 2024، وصف المعتقل بأنه: "بيئة تعزز الإفلات من العقاب. يتم احتجاز المعتقلين دون لوائح اتهام، معزولين عن العالم الخارجي، وتعرضوا لتعذيب ممنهج".

الشهادات الميدانية

كشف تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المعتقل يفتقر إلى الحد الأدنى من معايير الإقامة الإنسانية. وأوضح التقرير: "المعتقلون يُحتجزون في زنازين مكتظة تفتقر إلى التهوية المناسبة أو ظروف النظافة. كما يتم تقييد وصولهم إلى المياه والغذاء بشكل كافٍ".

شهادات معتقلين سابقين

محمد، شاب فلسطيني يبلغ من العمر 27 عامًا، قضى ثلاثة أشهر في المعتقل قبل الإفراج عنه دون توجيه تهم. يقول محمد: "كان كل شيء داخل المعتقل يشبه الجحيم. كنا نتعرض لجلسات تحقيق مطولة قد تمتد لساعات، وفي بعض الأحيان كان يتم تعصيب أعيننا وتقييد أيدينا لساعات دون مبرر."

ردود الفعل المحلية والدولية

نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية تقريرًا وصفت فيه سديه تيمان بأنه: "منشأة تعمل خارج نطاق القانون، حيث يتم استخدام المستشفى الميداني لمعالجة آثار التعذيب وليس لتقديم الرعاية الصحية الفعلية".

وصفت صحيفة "واشنطن بوست" المعتقل بأنه "جزء من نظام احتجاز عسكري واسع النطاق يتسم بانعدام الشفافية". وأشارت إلى تقارير عن "نقل بعض المعتقلين إلى مراكز اعتقال أخرى لإخفاء الأدلة عن الانتهاكات".

ردود الفعل المحلية والدولية

في بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي: "نحن ملتزمون بتطبيق القانون الدولي في معاملة المعتقلين، وسديه تيمان يلعب دورًا محوريًا في حماية أمن إسرائيل".

وقد أمرت المحكمة العليا في يونيو 2024 الحكومة بتقديم تقرير مفصل عن أوضاع المعتقل، إلا أنها رفضت الالتماس المقدم من منظمات حقوقية لإغلاق المنشأة. وجاء في قرارها: "رغم الانتهاكات المزعومة، فإن المنشأة تلعب دورًا أساسيًا في مواجهة التهديدات الأمنية".

ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، قائلة: "يجب على إسرائيل الالتزام بالمعايير الدولية وضمان المساءلة".

دلالات الاعتقال والتبعات الإنسانية

أحد أبرز القضايا التي أثارت الجدل تتعلق بحالات العنف الجنسي والتعذيب الممنهج داخل المعتقل. ففي يوليو 2024، تم اعتقال 9 جنود احتياط بتهمة الاعتداء الجنسي على معتقل فلسطيني. وأكدت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية أن هذه القضية ليست حالة فردية بل جزء من نمط مستمر من الانتهاكات.

يعتقد البعض في المجتمع الإسرائيلي أن المعتقل ضروري لضمان الأمن القومي. ويقول دانيئيل، أحد سكان بئر السبع: "من حقنا الدفاع عن أنفسنا. سديه تيمان ليس مكانًا مثالياً، ولكنه ضرورة".

من ناحية أخرى، قال ناشط حقوقي من النقب: "هذا المعتقل لا يعبر سوى عن إفلاس أخلاقي. يجب أن نكون أفضل مما نحن عليه".

يبقى معتقل سديه تيمان رمزًا للجدل بين الضرورات الأمنية وبين الانتهاكات الحقوقية. وبينما تستمر الدعوات الدولية للمساءلة والإصلاح، يبقى السؤال: هل تستطيع إسرائيل إيجاد توازن بين أمنها القومي واحترامها لحقوق الإنسان؟ أم أن هذا الجدل سيظل قائمًا بلا حلول جذرية؟