النقب: حكومة إسرائيل تدمر قرى بكاملها وتسمح ببؤر استيطانية عشوائية

تقرير: ياسر العقبي | الأربعاء 8 يناير 2025

تسعى حكومة إسرائيل، من خلال الوزراء المستوطنين، إلى فرض أمر واقع في منطقة النقب، من خلال تهجير أصحاب الأرض الأصلانيين من العرب-البدو من قراهم، وتوطين مستوطنين من اليمين المتطرف القريب إلى "الصهيونية الدينية" و"عوتسماه يهوديت".

شاهد التقرير على قناة "يوم البادية" واللقاءات مع: عطية الأعسم | رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها؛ د. يعلاه رعنان | المديرة العامة لمجلس القرى غير المعترف بها؛ ناتي ييفت | الناطق بلسان مجلس القرى غير المعترف بها

ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، عطية الأعسم، إنّ "تخطيط مستوطنات يهودية جديدة على أراضي القرى العربية-البدوية هو ذروة العنصرية. يتم اقتلاع أشخاص موجودين على هذه الأرض منذ ما قبل قيام الدولة لمجرد أنهم بدو، وفي الوقت نفسه يبحثون عن يهود للاستيطان مكانهم. لا أعلم إنّ كانت هناك دولة ديمقراطية أخرى يمكن أن يحدث فيها شيء كهذا… هناك حوالي 30 ألف بدوي يعيشون في قرى معترف بها، لكن الدولة تسمح لهم ببناء نحو أربعة منازل جديدة فقط كل عام. في النهاية، تريد الحكومة محاربة الديموغرافيا العربية-البدوية في النقب".

د. يعلاه رعنان، المديرة العامة للمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، تقول: "البدو كانوا هنا قبل عام 1948، وهم جزء من المواطنين الإسرائيليين، وجزء من سكان النقب. هذا الفعل، المتمثل في القدوم وأخذ الأرض لأنهم يعيشون عليها، هو عمل استبدادي وعنصري ومشكلة كبيرة تدمر القدرة على العيش هنا بشكل صحيح – مواطنون بجوار مواطنين – وليس من الضروري أن يكون الجميع متشابهين".

وفي الوقت الذي لا تتوقف فيه الجرافات في تدمير بيوت العرب-البدو في الجنوب، وضعت الوزيرة المستوطنة أوريت ستروك آلية تمنحها السلطة الحصرية لتحديد من سيحصل على بلدة جديدة تضم منازل واسعة في قلب صحراء النقب، وبأسعار رمزية، لإقامة مستوطنات جديدة بهدف معلن هو تهويد النقب.

ناتي ييفت، المسؤول الإعلامي في المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، قال: "ما نراه في "متسبيه يونتان" (قرب تل عراد) هو تعبير عن سياسة عنصرية خالصة. هناك أشخاص يعيشون في المنطقة، في مكان مخصص لإقامة بلدة، منذ عشرات السنين. يتم طردهم وإعطاء مجموعة من المتميزين المرتبطين بالحكومة هدية مالية تقارب مليون شيكل لكل عائلة، بالإضافة إلى بلدة فلل في قلب الطبيعة. إنها منطقة جميلة جدًا. أما الأشخاص الذين عاشوا هنا عشرات السنين، فيتم الزج بهم إلى المجهول. هل هناك تفسير لذلك غير أنه عنصرية؟ لا. هذه هي القصة. هذا ما يحدث اليوم في النقب".

وعلى الرغم من تعارض هذه السياسة مع مواقف المهنيين المختصين، إلا أنّ كافة أذرع السلطات الإسرائيلية تتعاون معًا لتحقيق هذا الهدف التوسعي العنصري، مقابل سياسة تهجير البدو من أراضيهم وارغامهم على السكن في إحدى البلدات المعترف بها، ما يضمن الفصل على أساس عرقي بشكل يبدو وكأنه قانوني.

عشر قرى مهددة بالهدم والتهجير

بعد هدم أم الحيران، بقي في النقب 35 قرية بدوية غير معترف بها، عشر منها مهددة بالهدم: البقيعة، أم البدون، رأس جرابا، تل عراد، عتير، الباط، أم رتّام، ضحيّة، كركور والسر.

المحاولات لإخلاء القرى غير المعترف بها أو إقامة مستوطنات يهودية جديدة بجوارها للحد من توسعها ليست جديدة على الحكومة الحالية. لكن القرارات التي اتخذتها الحكومات السابقة في هذا الشأن غالبًا لم تُنفذ. بالإضافة إلى ذلك، عندما طلبت الدولة من المجتمع العربي-البدوي الانتقال قبل بضعة عقود، تم إيجاد مكان بديل متفق عليه لسكان القرى المهجرة.

معيقل الهواشلة، منسق ميداني في المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، يقول إن المجلس لا يعارض إقامة بلدات يهودية جديدة، إذ أن "النقب يتسع للجميع. نحن ضد اقتلاع القرى البدوية وإقامة مستوطنات يهودية مكانها. لقد أعددنا خطة بديلة بالتعاون مع خبراء للقرى غير المعترف بها وقدمناها لجميع الجهات في الدولة… ولم نتلقَّ أي رد".

يعيش في محيط ما يسمى منطقة "عومريت" قرابة عشرة آلاف مواطن بدوي في قريتين غير معترف بهما (الزرنوق وبير المشاش)، دون بنى تحتية. دفنا سبورتا، مهندسة معمارية من جمعية "بمكوم – مخططون من أجل حقوق التخطيط تقول: "ماذا كانوا يعتقدون عندما خططوا لـ"عومريت"؟ هل سيقومون بإخلاء جميع السكان البالغ عددهم 5,500؟ هل سيبنون مستوطنة فخمة وغنية بالبنى التحتية بجوار أحياء فقيرة؟".

وتضيف: "مستوطنة أخرى تمت الموافقة على إقامتها على طول شارع 25، ستُبنى شمال غرب قرية أم رتّام غير المعترف بها، والمُهددة بالهدم وجنوب عرعرة النقب. يسكن في أم رتام نحو 1,900 شخص. بالقرب من المكان المقرر لبناء مستوطنة أخرى تقع قرية أم متنان غير المعترف بها، والمعدة للتهجير. هذا العام، هدمت الدولة حارتين في القرية مرتين، وشملت على نحو 45 منزلًا".