تراجم العلماء | أ.د. جهاد الصانع: رائد التقنية العالية بعبق التراث العريق

كتب: كايد أبولطيّف | الخميس 28 نوفمبر 2024

الأستاذ الدكتور جهاد الصانع (أبو عبدالله)، ابن بلدة اللقية في النقب، هو من مواليد تل عراد في الـ28 من نوفمبر 1968 حيث يحتفل اليوم بيوم ميلاده الـ56، وهو أحد الأسماء اللامعة في مجال علوم الحاسوب، حيث يمتلك خبرة عميقة في معالجة الصور والرسومات الحاسوبية. بدأ مسيرته الأكاديمية في جامعة بن غوريون في النقب، حيث حصل على البكالوريوس عام 1991، ثم الماجستير في 1993، وتوجها بنيل درجة الدكتوراه عام 1999 من جامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك تحت إشراف أميتاب فارشني.

يعمل البروفيسور الصانع حاليًا أستاذًا في قسم الرياضيات وعلوم الحاسوب في جامعة بن غوريون، إلى جانب إشرافه على مختبر الوسائط المرئية، حيث يقود مجموعة من الأبحاث الرائدة التي تستهدف تطوير حلول مبتكرة في مجالات مثل الرسوميات الحاسوبية والواقع المعزز. كواحد من الحاصلين على منحة "فولبرايت" المرموقة للدراسات العليا في الولايات المتحدة، عزّز من مكانته الدولية، وأصبح مرجعًا أكاديميًا عالميًا.

في عام 2022، تمّ تعيينه عضوًا في مجلس التعليم العالي، حيث يعمل على تعزيز حرية البحث الأكاديمي وضمان استقلال التعليم العالي عن التأثيرات السياسية. إلى جانب نشاطه الأكاديمي، يكرس جهوده لدعم المجتمع العربي في النقب، وكان له دور رئيسي في تأسيس مدرسة عهد الثانوية للعلوم، إضافة إلى مساهمته في تأسيس منظمة iChange، التي تهدف إلى تمكين الطلاب العرب من تحقيق درجات علمية متقدمة في علوم الحاسوب.

في دراسته المعنونة "تحديد هوية الكاتب للوثائق والمخطوطات التاريخية العربية"، يسعى البروفيسور الصانع إلى مقاربة مبتكرة في التعامل مع التراث العربي، مستندًا إلى تقنيات حديثة تتجاوز حدود المناهج التقليدية التي اعتمدت على الفحص البصري والخبرة الشخصية. هذا البحث، الذي يكتسب أهمية خاصة في عصر تكنولوجيا المعلومات، يعكس تحولًا عميقًا في كيفية فهم المخطوطات والوثائق التاريخية، ليس فقط كمواد نصية، بل كمنتجات ثقافية متعددة الأبعاد.

من خلال توظيف أدوات متقدمة لتحليل الخطوط والكتابة اليدوية، يفتح هذا البحث آفاقًا جديدة في دراسة هوية الكتّاب الذين نقشوا هذه النصوص، ويفتح بابًا لفهم أكثر تعقيدًا للتاريخ الثقافي والاجتماعي الذي تشكل في ظل هذه النصوص. فالخط العربي، بما يحمله من جماليات ودلالات تاريخية، يصبح هنا مادة للتحليل العلمي والفني، حيث تلتقي التكنولوجيات الحديثة مع العلوم الإنسانية في محاولة لتفكيك رموز الماضي وإعادة بنائها التي تكمن القيمة النقدية لهذا البحث، حيث لا يسعى فقط إلى تحديد هوية الكاتب بمفهومه الضيق، بل إلى فهم السياقات التاريخية والثقافية التي تشكلت فيها تلك النصوص.

كما يضع هذا البحث تراث الكتابة والخط العربي في مواجهة مع التقنيات الرقمية المتطورة، مما يعزز من حضور التراث في الفضاء المعاصر. عبر هذا التفاعل بين القديم والجديد، يتم إعادة بناء التراث العربي بشكل يتيح له الانتقال إلى فضاءات أكثر ديناميكية، إذ أن استعادة هوية الكتّاب ليست مجرد عملية استرجاع للماضي، بل هي محاولة لإعادة خلقه وتفعيله في الزمن الحاضر. في هذا السياق، يصبح التراث وسيلة لفهم الحاضر واستشراف المستقبل، حيث يتداخل الزمان والمكان في عملية مستمرة من إعادة التفسير والتأويل.

<