حتى نلتقي - ستشرق الشمس

بقلم: يوسف أبو جعفر (أبوالطيّب) | الجمعة 18 تشرين الأول 2024

يقال إنّ هناك من ينتظر شروق الشمس كل صباح، وهناك من يعلم أن شروق الشمس قادم لا محالة، لست هنا في محاولة لفهم دقيق اللغة العربية ولكني أجزم أن الفرق يكمن في الجمهور وليس الشمس، فالذين ينتظرون ربما لا يفعلون شيئًا فالشمس ستشرق ونحن في الانتظار، أما أولئك الذين لديهم اليقين أنها ستشرق ليسوا بحاجة للنظر بل للعمل والاجتهاد ولا محالة أن الشروق قادم، لأن ذلك من سنن الكون.

من الواضح أن المقصود ليس الشمس العادية، فكثيرون ينتظرونها والكل على يقين أنها ستشرق، ولكننا نتكلم عن شروق كل شي، شروق الحياة، شروق الشعوب، شروق الأبناء، الاقتصاد خذ كل جانب من حياتنا فهو بحاجة إلى شروق، حتى نحن كأفراد هناك شروق وضحىً وظهيرة وهناك غروب.

ما يعنينا هو شروقنا كمجتمع كأمة، هل سيحدث دون تدخل منا؟ هل تقوم الأمم إذا بقيت دون فعل بعض الأسس؟ في الواقع كلا.

أكثر من يدرسون التاريخ ومن يحاولون التنبؤ بالقادم لديهم مجسات اجتماعية وأخرى علمية تقيس تحركات الأمة تحاول من خلالها رؤية وتحركات الشعوب ولأن العالم مركب ومصالح متضاربة فلا أحد يريد أن تشرق شمسك على حساب شمسه، نعم بكل بساطة، هناك من يفضل أن تعيش الظلام ويبقى هو في النور، ربما لأنه يرى نفسه سيدًا وأنت مسود، أو لحاجة في نفس يعقوب وفي مصاف الدول سيطرة محلية سياسية إقليمية وهكذا دواليك.

وحتى لا نهرب نحو الجدل الكبير تعالوا بنا للسؤال البسيط، متى ستشرق شمسنا هنا؟ ولأني لا أعلم من يقرأ هذه المقالة فهنا تحددها أنت عزيزي القارئ، نعم حدد أنت وللمرة الأولى ربما يحق لك أن تحدد موعد الشروق دون اللجوء إلى أحد، متى تريد في كل ما تريد أن تشرق شمسك الخاصة أو مؤسستك أو مدينتك أو أمتك.

عندما تقرر فقط اطلب منك وبدون تفكير حدد التالي مباشرة! ماذا أنت فاعل كي تشرق شمسك؟ ودعك من الكلام المنمق والابتسامة الطيبة أو الخبيثة التي بدأت ترتسم على شفتيك، فلا يهم إذا كنت تقرأ ما أكتب بحب أو لتتفحص رؤياي للأمور، لديك مهمة أجب بشجاعة بينك وبين نفسك، ماذا أنت فاعل غير الانتظار؟

في كل الأحوال لن تشرق الشمس أن لم تفعل شيئا، فالوقوف على الشاطئ والصراخ بصوت عالٍ لن يغير شيئا، في كل القضايا، مجتمعنا العربي يمتلك كل المؤهلات لتشرق شمسه ولكنه خائف من عنصر أساس هو التضحية، نعم لا أحد يريد أن يقف سدًا أمام السيل الجارف، لا أحد يريد أن يرفع حجارة الوادي ليذهب السيل إلى البحر، لا أحد يريد أن يجعل من نفسه أيقونة، كلنا نريد أيقونات من بلاستيك وحديد ليست من أجسادنا، والتضحية هنا حتى لا نشطح بعيدًا تدور في فلك المقدور وليس المستحيل.

وأكبر عداوة بين من ينتظر الشمس ومن يعمل لها هو في المقام الأول القرارات غير الصائبة، عندما تطغى المصلحة الشخصية على العامة، عندما نريد الظلمة لنغطي بها عوراتنا أو لنجد لأنفسنا اعذارًا وهمية نلتحف بها ونصرخ أن البرد شديد ولا بد ان تشرق الشمس.

وحتى نلتقي، ربما أكون في لحظات قصيرة قد انتظرت الشمس، إلا أن يقيني لا يتزعزع أنها ستشرق، ستشرق رغم أنف الحاقدين الكارهين المتآمرين، ستشرق لأن هناك في أمتي وشعبي ومجتمعي من يعمل ليل نهار لتشرق، ولكننا نريد الجميع ليعمل فعندها ستخرج شمسنا في منتصف الليل إن شئنا، نعم ضعوا كل يقينكم في كل القضايا وعندها ستدركون أن نور الشمس ليس فقط من الفوتونات الضوئية بل هو من يقين المجتمعات والشعوب.

<