ما حك ظهرك إلا ظفرك..
بقلم: إبراهيم الحسنات | الثلاثاء 08 تشرين الأول 2024
كمجتمع يريد التغيير الإيجابي، والعيش بأمان وكرامة؛ علينا ايجاد آلية مقبولة وقابلة للتطبيق، لنحد من خلالها من استشراء العنف والفوضى والإخلال بالنظام والتردي الخلقي والإنسياب والإنزلاق الرهيب الذي يهوي اليه المجتمع في الآونة الأخيرة.
كان في ما مضى الحكم الإسلامي الواضح والصارم، وكانت الشريعة السمحاء، والتي لم ولن يأتي أنصف ولا أعدل منها، مرجعية المجتمعات في قوانينها وما يترتب عليها من أحكام وعقوبات..
ومن ثم تبددت رويدًا رويدًا حتى أن استبدلناها بقضائنا العشائري في آخر قرنين ونيف، والذي كان قريبًا جدًا من تعاليم الشريعة الاسلامية، وأيضًا كان يتلاءم ويتطابق مع المبنى الاجتماعي لنا والقبلي العشائري العائلي الجغرافي السكاني.
وفي منتصف القرن الأخير، بدأ القضاء العشائري بالتفكك والانهيار، ولم يبقَ منه إلا الإسم، وحل مكانه القانون الوضعي، قانون الدولة الحاكمة جغرافيًّا، والذي يبعد كل البعد عن أحكام الشريعة، ويختلف جذريًا عن القضاء العشائري.
وللأسف أصبح كل فرد في المجتمع يختار القانون الذي يخدم مصلحته وشهوته؛ فتارة تلقاه يسلك طريق الشريعة الإسلامية (مثال في الزواج وشؤون تشييع الموتى)، وتارة تجده يتبنى القانون الوضعي للدولة أيضًا لخدمة مصلحته الأنانية (مثال في النزاع قبل وعند الطلاق) وهنالك أمثلة كثيرة ومحزنة ومخزية لما النا اليه.
فلسان حالنا يقول: ضعنا، وضاع الأمان.. وانتزعت الطمأنينة.. وانهارت الاخلاق بيننا، وتبخرت القيم.. وغادرتنا المروءة.. وتفككنا اجتماعيًا وإسلاميًا وعشائريًا وعائليًا وأُسريًا، حتى أصبحنا لا نعلم أين وجهتنا، وإلى أين مصيرنا ومصير أبنائنا والأجيال القادمة.
فواجب علينا، بل مجبرون نحن، ان نجد صيغة لقانون يتلاءم والمرحلة يأخذ بعين الاعتبار ما تبقى من موروثنا الثقافي والعشائري، وقوانين الدولة؛ قانون ينصِفُ الضعيف، ويحق الحق قدر المستطاع، ويلجم المجرمين ويكبح العنف، ويوقف التدهور والانزلاق والرداءة التي تعصف بنا.
فنحن ندرك جميعًا ومتيقنين بأن الأحكام الإسلامية معطلة.. والقضاء العشائري يلفظ أنفاسه الأخيرة.. وعن القانون المدني للدولة ودور المسؤولين عن تطبيقه من شرطة وقضاء لن نطيل الحديث، لأنه كالسراب يذكر ولا يُرى، ومضيعة للوقت وضحك على الذقون في أخف تعبير. ليس لنا إلا نحن.. تذكروها.
^الكاتب مدير مؤسسة كفى