حتى نلتقي - إكس
4 تشرين أول 2024| بقلم: يوسف أبو جعفر (أبوالطيّب)
في اللغة الإنجليزية الحرف X يدل على المجهول ومن المعروف أن هذا الحرف جاء من استخدام علماء الرياضيات العرب وكانوا يشيرون به إلى غير المعروف أو المجهول ولذلك استعضنا في العربية بحرف السين، نقول سين من الناس، دون أن نعرفه والإنجليزية احتفظت بالإكس كحرف لغوي مع دلالة مجهوليته كشخص أو كمجموعة.
الجميل في الموضوع أننا نستطيع استعمال حرف الإكس في كثير استعمالات، ففي الغرب إكس زوج، الزوج السابق، إكس صديق، مجموعة إكس مجموعة مجهولة تحتاج إلى تعريف، إكس أي شيء نريده.
في الحالات العادية عندما نضع علامة الاكس على الفرد فنحن نضعها على أنفسنا مباشرة، فاكس صديق لي هو اكس صديق للأخر، إلا في حالة المجموعة الكبيرة، قد تكون معرفة ونحن المجهول ولا يعني عندما معرفتنا بها أنها المجهول، بل وربما في بعض الحالات كالقيادة مثلًا القائد هو المجهول، فطلاب المدرسة والصف يعرفون بعضهم لكنهم لا يعرفون سائق الحافلة، وفي نظر الطلاب هو المجهول، وربما القائد بالمعنى الأكبر السياسي أو التنظيمي أو الدولي.
كلما بذلنا جهدنا لنعرف الاكس ظهر لنا فنحن نقوم بتعريف أنفسنا " هذا طبعًا في الحالات العادي" عندما نتعارف، ونحدث عن أنفسنا إنما ندفع بالآخرين للخروج من دائرة الاكس، ولكن عندما تتعقد الأمور فلا نستطيع التعريف كما نريد نجد أنفسنا في حالة دراسة من قبل الاخرين، فالوزير لا يستطيع الناس معرفة أكثر مما ينشر عن شخصه ولكننا نعرف سياسته المالية او الداخلية وذلك حسب وظيفته، ما أريد قوله من السهل أن تتعرف المجموعة الاكس على الفرد ولكن العكس هو الصعب، ولذلك نجد أن العقول مشغولة بفهم أنماط المجموعات وتحويلها من اكس إلى معروفة، قد يكون ذلك بنية طيبة أو خبيثة.
هناك مجموعة تكونت في حياة جميع المجتمعات ربما اكبر مجموعة اكس في العالم، هي الناس العادية، أولئك الذين طموحاتهم وحياتهم رتيبة وبسيطة في كل شيء في أحلامهم في معاملاتهم، في بيوتهم في أولادهم، هم اكس بكل المقاييس هم الغالبية العظمى الذين لا يبحثون عن كل جنون البشر من كماليات، واحداث التغيير الاجتماعي، لا يبحثون عن شيء هم مغمورون بكل المقاييس ولكنهم موجودين في كل مكان، يعملون في مكان عمل وربما لا يفكرون بالغد ليس بمعنى أنهم لا يقلقون، بل لأنهم مشغولون في هموم اليوم، ربما يطلق عليهم البعض الفئة الكادحة أو المغلوب أمرها وربما يعرفهم البعض بالناس المؤمنة القنوعة وهكذا كل حسب ترتيبه وقناعاته.
هذه المجموعة اكس الأكبر وربما هي الوحيدة في نظري التي تحتاج إلى تعريف، لأنها فقدت الكثير ربما الثقة، ربما حب الاستطلاع، ربما القوة على الكفاح وغيرها من الأسباب، وفي انعدام المعرفة يسكن المجهول.
كلما ازدادت أو كبرت هذه المجموعة يعني خروجها من إطار الوضع الطبيعي يعني فشل البقية في الحفاظ عليها كل بدورة، الامام، المدرس، الشيخ، الرئيس، وكل فرد هو في موقع المسؤولية، ولا أعني هنا أن نعرف أحوالهم بل أن نحملهم على الاهتمام وأن نلبي ما يريدون وما لهم من حقوق دون أن نعرفهم، ربما عندها نتوقف تعريفهم كالمجهول.
مجموعة اكس حولنا انظروا جيدًا هم في الغالب لا يهتم بهم احد، هم لا يحملون علامات خاصة، هم من يقرر غيرهم لهم، من لا نحتفظ بأرقام هواتفهم وهم لا يحتفظون بأرقام مكاتبنا، هم الذين إذا شاهدوا كل شيء لا يشتكون ليس ضعفًا بل لأنهم يرون فينا مجهولين في نظرهم نحن الاكس.
وحتى نلتقي، ويل لأمة لا ترى ولا تسمع ولديها عيون وآذان، ويل لمجتمع تكبر فيه مجموعات الاكس دون وعي وإدراك، مالكم تهمسون ولا تصرخون، الأولى بنا أن نعيد النظر والسمع، دمتم بخير..