دعوا الطلبة ينهلون العِلم بعقولهم وليس من خلال أحزابكم

6 أيلول 2024 | بقلم: الإعلامي محمد السيد

نحو ستة عقود ونيف كانت الجامعات والمعاهد العليا في الدول العربية موصدة أمام الطلبة العرب الذين يعيشون في مدنهم وقراهم العربية في إسرائيل، والذين يُطلق عليهم البعض تسميات مختلفة مثل فلسطينيو 48، عرب 48، عرب الداخل، عرب إسرائيل وغيرها من التسميات.

وقد وصل تعدادهم إلى نحو 1.6 مليون نسمة ينتشرون على بقعة جغرافية واسعة اكثرها في الجليل شمال إسرائيل مروراً بالمثلث في الوسط وإنتهاءً بالنقب في الجنوب ناهيك عن مجموعة لا بأس بها تعيش في المدن المختلطة ذات الأغلبية اليهودية مثل حيفا، يافا، عكا، اللد، الرملة وبئر السبع.

وكانت أول من فتحت جامعاتها أمام الطلبة العرب هي المملكة الأردنية الهاشمية وذلك بعد توقيع اتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن واسرائيل، حيث تدفق عشرات الآلاف للدراسة هناك في مختلف الجامعات تعطشًا للأجواء العربية التي حُرموا منها عقود طويلة، كما أنّ العرب في إسرائيل حُرموا طيلة تلك السنين من أداء فريضة الحج بسبب جنسيتهم الإسرائيلية.

بعد فتح الجامعات الفلسطينية أبوابها وتقديم برامج تعليمية تتلاءم مع دراسة العرب في إسرائيل، تراجعت أعداد الطلبة في الأردن، ويدرس اليوم في الجامعات الفلسطينية نحو 17 ألف طالب وطالبة، ويعزو البعض تراجع الدراسة في الأردن نظراً لسياسة الأحزاب العربية الإسرائيلية في الكنيست الإسرائيلي التي حالت دون الطلبة وجامعاتهم واشترطت توزيع المنح الدراسية المُقدمة للطلبة كمكرمة ملكية بناءً على العلاقات الحزبية والخاصة، حيث أنّ وزارة التعليم العالي في الأردن وزعت المنح للأحزاب وليس من خلال مكتب يُعنى بالشؤون التعليمية أو مباشرةً من خلال الجامعات.

اليوم وبعد توقيع اتفاقات إبراهيم للسلام أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال سفارتها في إسرائيل عن برنامجٍ غير مسبوق للطلبة العرب في إسرائيل الراغبين في الالتحاق بالجامعات الاماراتية يشمل منحة دراسية كاملة وتذاكر سفر وأماكن سكن طيلة فترة الدراسة لمن يتم قبوله في الجامعات المُعلن عنها في البرنامج، وقد لاقى هذا البرنامج ترحيباً في أوساط الطلبة خاصةً وانه بعيد عن الأجواء الحزبية والسياسية ويتم من خلال السفارة دون وساطات حزبية ومفتوح لكل العرب في إسرائيل، إلا ان الأحزاب سارعت إلى التدخل والإيحاء للطلبة بأن الالتحاق بالجامعات الاماراتية يتم من خلالها مستغلين حسن نوايا السفارة باستقبال الطلبات، علماً بأن الأحزاب لا تُقدم ولا تؤخر ولم ولن تؤثر على قرار المؤسسات التعليمية الاماراتية.

هنا ومن أجل ضبط الأمور وعدم اختلاطها تم وقف المنح ثم إعادتها من جديد لكافة الملتحقين بالجامعات بعيداً عن الانتماءات الحزبية.

يبدو أن دولة الإمارات العربية المتحدة تفصل بين السياسة والأكاديميا وهذا ما سيجعلها تتميز عن غيرها وتمنح الشعور للطلبة بأن التحاقهم بالجامعات الاماراتية يعود لجهودهم وليس للأحزاب.

إن تقصير الأحزاب العربية في الكنيست الإسرائيلي عن القيام بمهامها لخدمة هذه الشريحة الكبيرة التي أوصلتها للكنيست كإيجاد بدائل لهدم البيوت ومصادرة الأراضي ومعالجة آفة العنف التي تحصد أرواح العشرات شهرياً أن لم نقل انه لا يخلو أسبوع من سقوط قتلى بسبب تفشي الجريمة، تقوم بالتسلق على خدماتٍ يتم تقديمها لبناتنا وأبنائنا الطلبة سعيًا لتحقيق انجازٍ وهمي.

إن التذمر والسخط الذي يُلمس في الشارع العربي حيال ممارسات هذه الأحزاب وتخريبها إن صح التعبير على الطلاب سيتصاعد إلى أن تتوقف عن تدخلاتها التي أضرت بمستقبل الطلبة وكاد يضيع عام دراسي كامل عليهم لولا تدارك الأشقاء الإماراتيين لذلك.

وعليه فلتتركوا الطلبة وتعليمهم وانشدوا على أياديهم بدل الضغط عليها ولتطالبوا بمزيدٍ من المساعدات لهم بدل مطالبتهم بالتصفيق لكم.

<