أوقفوا حربكم المجنونة!!
28 حزيران 2024 | بقلم: الشيخ صفوت فريج
نحو 40 ألف شهيد، من بينهم حوالي 16 ألف طفل وأكثر من 10 آلاف امرأة، كلُّ هذا وما زالت مدفعيّة الانتقام تقصف وتخبط خبط عشواء في غزّة على اختلاف مناطقها! أما آنَ لهذه الحرب أن تضع أوزارها وتنتهي، فواللهِ قد أثقلت على كواهلنا، ولوّثت نفسيّاتنا وأرواحنا قبل هوائنا. كثُرت ضحاياها، أطفالٌ ونساء وشيوخٌ، وأسوأ ما فيها أنّ غالبيّة هؤلاء هم من الأبرياء الّذين لا يحملون سلاحًا، بل حملوا قبل أرواحهم الهمّ والجوع والفقر والتشريد والمعاناة، قبل أن تُقذَف صدورهم بالرصاص والقنابل والمتفجّرات..
منذ الشرارة الأولى لحرب السابع من اكتوبر العام الماضي، وحتّى هذه اللحظة لم تخمد النيران ولم يتلاشَ دخانها من فضاء القطاع إلّا ما ندر. ثمّ ماذا؟ فشلت إسرائيل بتحقيق أهدافها المعلنة منذ بداية الحرب، من تدمير حماس وإعادة الأسرى والمختطفين والقضاء على حماس وقياداتها، كلُّ ذلك رغم القوّة التدميريّة المفرطة، ورغم الأساطيل الحربيّة الّتي اصطفّت في البحرين الأبيض والأحمر. أليس حريّ بمثل هذا الفشل أن يقود إسرائيل بعد عامٍ على الحرب أن تعلن عن إنهاء حربها؟..
هذه الحرب الّتي قد تحوّلت منذ لحظة إعلانها إلى حرب ثأرٍ وانتقام، ومثل هذه الحرب لا يمكن أن تحقّق أهدافًا مهما طال أمدها. لم ينجُ من القصف لا بشر ولا شجر ولا حجر، حتّى المستشفيات والمقابر والمساجد والمدارس والجامعات ومولدات الكهرباء ومضخات المياه قُصفت، ممّا يؤكّد على أنّ أهداف الحرب هي غير ما أعلنت عنها إسرائيل، وهذا كلّه تحت عدسة العالم المكبّرة، ووسائل الإعلام في عصر الحريّات وهيئة الأمم وحقوق الطفل والمرأة. وصيحات القضاء على الفقر والجوع والمرض، صيحات رياء ونفاق!
يجب أن تضع هذه الحرب أوزارها وتنتهي، وأن تبحث الأطراف المعنيّة عن سبل جديدة، تبشّر بالأمل لأطفال الشعبين. وعلى إسرائيل أن تُدرك أنّها الأحوج إلى طريق السلام، فالبلاد على شفا انهيار تامّ، من حيث الاقتصاد والاجتماعيّات والأمن وكلّ جانب من جوانب مقوّمات الحياة. هذا عدا عن تحوّلها إلى دولة منبوذة، والشعور بالغربة وقلّة الحيلة الّذي يترسّخ يومًا بعد يوم، وهذا كلّه لا يمكن أن تتغلّب عليه إسرائيل بمزيدٍ من القنابل والقتل، بل بالإعلان الفوري عن إنهاء الحرب.
نحن العرب الفلسطينيّين مواطني دولة إسرائيل، نريد لأبناء شعبنا الفلسطيني الحرّيّة والأمن والأمان وتحقيق حلمه بإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشرقيّة إلى جانب دولة إسرائيل، وفي الوقت ذاته نريد للدولة الّتي نعيش فيها مواطنين أن يسودها السلام والاستقرار. هذا الحال الّذي نعيشه لا يمكن أن يعود بنفعٍ لا على عربيّ ولا يهوديّ، لا على فلسطينيّ ولا إسرائيليّ. ومن منطلقاتنا الدينيّة والإنسانيّة والوطنيّة، ومن دوائر انتمائنا الخمسة (الإنسانيّة والإسلاميّة والعربيّة والفلسطينيّة والمواطنة)، من هذه المنطلقات جميعها نقول بملء الفم: يجب لهذه الحرب المجنونة أن تضع أوزارها وتنتهي!
^الكاتب هو رئيس الحركة الإسلامية (الجنوبية) في الداخل الفلسطيني