أهل النقب المُغيّبون

20 أيار 2024 | بقلم: حمادة فراعنة

أكثر من عشرة آلاف بيت تم هدمها من قبل السلطات الإسرائيلية في منطقة النقب العربي-البدوي الفلسطيني، بشكل متقطع مستمر.

عام 1948، تم تشريد أغلبية سكان النقب، وخاصة مدينة بئر السبع، وتحولوا إلى لاجئين خارج وطنهم، وبقي 12 ألف عربي فلسطيني فقط في منطقة النقب التي تبلغ مساحة أراضيه 60% من مساحة المنطقة المحتلة عام 1948، البالغة 22 ألف كيلو متر مربع، وتبلغ منطقة النقب 12 ألف كيلو متر، وتساوي ثلاثة أضعاف مساحة الضفة الفلسطينية، ويبلغ عدد سكانه اليوم 320 ألف نسمة يشكلون 8% من المواطنين العرب الفلسطينيين في أراضي الـ48.

قبل أسبوعين قامت السلطات الإسرائيلية بهدم قرية وادي الخليل، وتشريد أهلها الذين باتوا بلا مأوى مشردين في العراء، وهي جزء من سلسلة ثماني قرى مهددة بالهدم والترحيل المماثل، مما يفرض حالة من التحدي والمواجهة بين أهل النقب من طرف والسلطات الإسرائيلية التي أنشأت 170 تجمعًا إسرائيليًا منذ عام 1948، بهدف السيطرة والأسرلة والتهويد لمنطقة النقب، مثلها مثل كافة الأهداف التي تسعى لها سواء في الكرمل أو الجليل أو المثلث وحتى المدن الخمسة المختلطة.

ورغم سياسات التوسع المبرمجة التي تسعى لها نحو الضفة الفلسطينية والقدس بالاستيطان والمصادرة وإعاقة الحياة وتصعيبها على الفلسطينيين بهدف تقليص وجودهم، وتنغيص حياتهم وعرقلة وجودهم، فالعامل الديمغرافي بالنسبة لها هو العنوان الأهم الآن بعد أن تمكنوا من احتلال كامل خارطة فلسطين ولكنهم فشلوا استراتيجيًا في طرد وتشريد كامل أهل فلسطين وأصحابها الأصليين، إذ يبلغ عدد الفلسطينيين على كامل خارطة بلدهم أكثر من سبعة ملايين نسمة، وهي حصيلة تشير إلى فشل إقامة الدولة اليهودية الخالصة، بوجود هذا الثقل السكاني من أهل فلسطين على أرض وطنهم.

القتل والمجازر والهدم والإعاقة هدفها تقليص الوجود البشري الإنساني لأهل فلسطين، عبر القتل المباشر للمدنيين كما هو حاصل اليوم في قطاع غزة، وعبر الطرد والتشريد واللجوء القسري أو الطوعي.

البرنامج مكشوف وعارٍ أمام الشعب الفلسطيني، ولذلك لم يعد التشرد واللجوء والرحيل عناوين مقبولة لدى الفلسطينيين، بل عملوا على إحباط هذا المشروع عبر مضامين البقاء والصمود.

يوم السبت 18 أيار/مايو دعت لجنة التوجيه العليا لفلسطيني عرب النقب برئاسة النائب السابق المحامي طلب الصانع، إلى اجتماع في مقر المركز الجماهيري لبلدية مدينة رهط، وهي بالمناسبة غدت أكبر المدن العربية الفلسطينية في منطقة 48، حضره قادة المجتمع العربي الفلسطيني من:

^أولا: لجنة المتابعة العليا للمجتمع العربي الفلسطيني، وهي القيادة العليا للفلسطينيين في مناطق 48 برئاسة القائد الوطني المنتخب محمد بركة، والتي تضم الشرائح الثلاثة: أ- نواب الكنيست العرب، ب- الأمناء العامين للأحزاب العربية السبعة، جـ- رؤساء البلديات والمجالس العربية؛

^ثانيا: اللجنة القطرية للمجالس المحلية العربية برئاسة مازن غنايم رئيس بلدية سخنين والمنتخب حديثًا كرئيس للبلدية وللجنة القطرية؛

^ثالثا: منتدى السلطات المحلية في النقب برئاسة رئيس بلدية رهط طلال القريناوي؛

^المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها برئاسة عطية الأعسم..

وقد وضعوا خطة عمل لمواجهة سياسات السلطات الإسرائيلية، وتوحيد الجهود، وخلق حالة التضامن وتفعيلها بين مختلف المكونات الفلسطينية في مناطق 48، بهدف تعزيز صمودهم وانتزاع حقوقهم كمواطنين يعيشون في وطنهم وأرضهم، وتكثيف الاتصالات على مختلف المستويات لإبراز سياسة العنصرية التي تنتهجها حكومة نتنياهو العنصرية الأكثر تطرفًا ضد الفلسطينيين سواء في مناطق 67 أو مناطق 48.

نضال أهل النقب أحد عناوين النضال الفلسطيني المظلوم والأقل اهتمامًا على الصعيد الإعلامي ودون المستوى المطلوب.

^ كاتب سياسي ونائب برلماني أردني سابق