بين الانتخابات والتحديات المقبلة للجنة القطرية للسلطات المحلية
3 أيار 2024| بقلم: خالد خليفة
تشير جميع التقارير إلى أن يوم السبت المقبل، الرابع من أيار 2024، سوف يكون يومًا مصيريا للجماهير العربية ولانتخابات اللجنة القطرية التي تأسست في مطلع الثمانينيات، وتعتبر المنافسة حادة وقوية ولكنها حضارية بين الدكتور سمير محاميد رئيس بلدية أم الفحم والسيد مازن غنايم رئيس بلدية سخنين؛ وقد أدار الاثنان معركة انتخابية تمثلت بالأسلوب المحافظ من قبل السيد غنايم، أما الدكتور سمير محاميد فقد نهج نهجًا مختلفًا، حيث أدار معركة تتسم في ما بعد الحداثة السياسية.
وفي مقابلة بثت يوم الخميس، الثاني من أيار، في إحدى وسائل الاعلام المحلية، قال السيد غنايم إنه سيركز في دعايته الانتخابية على ما استطاع أن يحققه ما بين الأعوام 2013-2018 عندما كان رئيسًا لبلدية سخنين في المرة الأولى، وعندما تعاون مع عضو الكنيست عن الموحدة منصور عباس في إقرار القوانين 554 و922 التي أقرت فيها الحكومة خطة خمسية لميزانية المجتمع العربي. وعندما سُئل مازن غنايم لماذا لم ينفذ جزءا كبيرا من هذه الخطة، قالها بالحرف الواحد – إن اجتماعه الأول بعد أن ينتخب كرئيس للجنة القطرية سيكون مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للتفاوض معه على اكمال الخطط الخمسية التي اُقرّت قبل 10 سنوات، مهما يكن..
يبدو واضحا للعيان أن مازن غنايم ما زال يتحرك في نفس الوسائل والطرق والدهاليز السياسية التي كان قد وضعها السيد منصور عباس ولم تؤدِ إلى انجاز الكثير لصالح المواطن العربي، هذا بما يتعلق بأسلوب إقناعه للحصول على التأييد من رؤساء المجالس كي يدعموه بأصواتهم كي يكون رئيسًا للجنة القطرية، أما في حال انتخب فإنه وبصفته كان نائبًا في البرلمان عن الموحدة فسوف تكون اللجنة القطرية رهينة لهذا الحزب الذي يمكن أن يكون جزءا من الائتلاف المقبل، في حال انهارت حكومة نتنياهو، نتيجة للحرب على غزة. وتفيدني بعض المصادر بأن العديد من المحسوبين من رؤساء المجالس المحلية والبلدية سوف يدعمون مازن غنايم، وقد كان السيد غنايم رئيسا للجنة القطرية على مدى 10 سنوات مضت ولم يحقق الكثير في مضمار تطوير عمل وأداء اللجنة القطرية من حيث دفع الجماهير العربية ومصالحها كقوة سياسية جماهرية واقتصادية في البلاد، خاصة في ظل ضعف لجنة المتابعة وضعف عمل النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي.
عندما اُنتخِب آنذاك قبل 10 سنوات كان محسوبًا على التجمع الوطني الديموقراطي، بعدها انتقل واصبح عضوًا للكنيست في القائمة الموحدة، الأمر الذي أدى إلى خسارته في الانتخابات البلدية في سخنين في الجولة قبل الأخيرة، لكنه أعاد بناء صفوفه المحلية في سخنين وانتُخب في 2024 رئيسًا للبلدية وهنالك خلاف بين ما حققه مُضَر يونس، رئيس اللجنة القطرية السابق، ومازن غنايم، حيث يدّعي الاثنان أنهما احدثا إصلاحات في عمل اللجنة القطرية، أما واقع الأمر فإنّ هذه اللجنة التي تدار مكاتبها من الناصرة وكان يديرها مازن غنايم من سخنين وبعدها يونس من عرعرة، فإنهما لم يحدثا الإصلاحات الجوهرية الإدارية في عمل اللجنة القطرية. وقد انشغل الاثنان في قضايا البنود الحكومية للميزانية التي اقرّتها الحكومة للمجتمع العربي، لكنهما في الواقع لم يقوما بعملية إصلاح حقيقي لعمل اللجنة وقيادة جماهيرية وسياسية قطرية للمجالس المحلية والبلدية في البلاد، فهنالك 66 رئيس مجلس محلي وبلدي سوف يصوتون يوم السبت المقبل لرئاسة اللجنة القطرية، بحيث أنّ الرئيس السابق لم يُظهر اهتمامًا قياديًا للمجتمع العربي، بل ركز على مثل هذه الأمور التي ذكرتها، ويمكن القول إنّ عمل المجالس المحلية قد تدهور حيث بات واضحا انهم لم يزودوا للمواطنين حقوقهم المطلوبة، ولم يقوموا بعمليات إصلاح بلدي حقيقي يكون بالأساس لصالح المواطنين.
ويبدو من تحليل للمقابلات ودراسة لخطوات مازن غنايم بأنه سوف يحوّل اللجنة القطرية إلى وسيلة وأداة للقائمة الموحدة الذي كان عضوا أساسيًا فيها من أجل الحصول على الحقوق والميزانيات من الحكومة الحالية أو المستقبلية؛ أنظر إلى مطالبته بأن يكون الاجتماع بنتنياهو كأول خطوة تتم في حال انتخابه رئيسا للجنة القطرية.
لكن هذا الأمر يعتبر صعب المنال في ظل الحكومة الآنية التي تشن الحرب على غزة ولها خطط طويلة الأمد في الصراع مع الفلسطينيين، حيث أنها تضع العرب في إسرائيل في آخر سلم أولوياتها، وعلى القيادات العربية والمتمثلة في لجنة المتابعة والنواب العرب في الأحزاب المختلفة وضع خطط وخيارات مختلفة تماما عن خيارات مازن غنايم والقائمة الموحدة في الفترة المقبلة التي تُعتبر فترة تحديات صارخة.
أما الدكتور سمير محاميد، الذي انتخب مجددًا لرئاسة أم الفحم بنسبة عالية تصل إلى تسعين بالمئة، والذي أدار العديد من المؤسسات الأكاديمية العالية قبل ان ينتخب رئيسا لبلدية ام الفحم في عام 2019 وحصل على شهادة الدكتوراة في منتصف التسعينيات من الجامعة العبرية، فانه يأتي ويطلب انتخابه للجنة القطرية بشكل مختلف تماما عن غنايم، بدون أن يحمل أجندة تعتمد على أطراف وأحزاب عربية واضحة المعالم في تحركاتها ومآربها السياسية كالقائمة الموحدة، حيث أنه يطالب في حال انتخب رئيسا للجنة القطرية بوضع رؤية واضحة وأهداف محددة لتطوير استراتيجية لأعضاء اللجنة من رؤساء مجالس محلية وبلدية.
فلهؤلاء الرؤساء سوف يكون، في حال انتخابه دور كبير في وضع هذه الاستراتيجية بحسب الظروف الآنية التي تواجه المجتمع العربي. ويمكن القول إنّه في حال تم انتخابه فانه سيتشاور مع الأعضاء ويدرسون الخارطة السياسية المنبثقة ويقومون بالتحرك من أجل مصلحة الجماهير العربي.
فهنالك عدد من الرؤساء الاكفاء كالسيد سمير أبو زيد والسيد عماد عدوي والسيد أحمد مصالحة والسيد ادغار دكور والسيد درويش رابي والسيد طلال القريناوي، الذين يتنافسون على مراتب أخرى في اللجنة القطرية كسكرتير للجنة وناطق ومدير عام وأمين صندوق.
كل هؤلاء لهم الحق في العمل من أجل وضع خطة واستراتيجية، يمكن أن تدار فيها اللجنة القطرية، حيث أن هؤلاء كلهم غير منتمين من ناحية سياسية ويستطيعون العمل مع دكتور محاميد في أسلوب وخطط في عصر ما بعد الحداثة، حيث كان يسود اللجنة القطرية سابقا نهج سياسي تقليدي على مدى عشرات السنين.
تستطيع تلك المجموعة بقيادة سمير محاميد التنسيق والعمل المشترك مع بعضها البعض وبقيادة ديمقراطية ومشتركة وبدراية وفهم بقرارات السياسة الحكومية التي يمكن أن تكون معادية للعرب.
يتضح أيضا مما نشر في الإعلام عن خطط صرح بها رئيس البلدية سمير محاميد أنه يملك رؤية خارج الصندوق تختلف كثيرا عن رؤى رؤساء سابقين للجنة القطرية، بحيث أنه لا يقترح فقط العمل المشترك وإيجاد الرؤية من الواقع الذي ينجم محليا، بل أنه يحاول جاهدا مواجهة المشاكل والتحديات الصارخة التي تواجه العرب في هذه البلاد كالجريمة والفقر والانهيار الاقتصادي وعدم العمل بشكل جماعي.
حتى انه يقترح مثلا إقامة مركز أبحاث قطري للمجتمع العربي يجمع فيه المحللون والخبراء الذين يعملون من أجل تطوير وإيجاد طرق وحلول لمشاكله المستعصية في العديد من الأمور كالتخطيط والسياسة والاقتصاد.
كما ينادي بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني بين الجماهير العربية، كي يعمل على تأسيس هذه الرؤية الاستراتيجية التي يتكلم عنها مع زملائه من الرؤساء الاخرين.
وتعقد أوساط سياسة عربية واسعة النطاق آمالا كبيرة بأن يتم انتخاب نهج وأفكار جديدة يقودها سمير محاميد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
^الكتاب كان مدير عام اللجنة القطرية في مطلع التسعينيات