لماذا الأردن ولماذا الآن؟!

10 نيسان 2024 | كتب: مجدي الحلبي

من يتابع ما يجري في المملكة الأردنية الهاشمية يستطيع أن يفهم دون عناء أن أيادٍ غريبة، قريبة وبعيدة، خفية وظاهرة تحرك التظاهرات اليومية قبالة سفارة إسرائيل هناك.

هذه التظاهرات التي في ظاهرها دعم الاخوة في غزة وضد حرب اسرائيل عليهم هي غير ما يدعون ومن يتمعن في الشعارات والهتافات والمطالبات والخطابات يستطيع ان يفهم ان هناك من يريد السوء لهذا البلد ويذكر بأيلول الأسود عام 1970.

تصريحات قادة حماس ومسؤولين من طهران تفي بالغرض، وتفسر ما يريده هؤلاء من المملكة، فالأردن بلد مركب من فسيفساء إنسانية وإثنية ودينية متعددة الألوان والأشكال وجُلّ سكان البلد من الفلسطينيين الذين "تأردنو" قبل النكبة وأيضًا بعدها وخلال حرب الأيام الستة أو نكسة 1967، لكن الغالبية من هؤلاء يعتبرون أنفسهم أردنيون ويدينون بالولاء للبلد وللملك.

المملكة الأردنية محاطة بأربع دول هي السعودية والعراق وسوريا وإسرائيل وللأخيرة أطول حدود مع دولة عربية نحو 300 كلم تحدها من الشرق ولها معها معاهدة سلام منذ العام 1994 وأمن الأردن يعتبر، إسرائيليًا، مصلحة أمن قومي.

من ناحية ثانية حدودها مع المملكة العربية السعودية تعتبر على درجة كبيرة من الأهمية لأن الأردن هو بوابة الخليج الغربية وأمن الأردن من أمن المملكة العربية السعودية وأي خطر على الأردن هو خطر على المملكة وأمنها القومي.

الحدود مع سوريا تواجه مشكلة التهريب ومحاولات جماعات مسلحة المس بامن الأردن والقوات الفاعلة على أراضيه وتحاول مليشيات إيران ومليشيات مرتبطة بالنظام السوري اختراق الحدود لتهريب المخدرات واستخدام الأراضي الأردنية لهذا الغرض لنقل المخدرات والسموم إلى الخليج، لكن وقوف الجيش الأردني بالمرصاد يشوش عمل تلك المليشيات ذات الاستعمال المزدوج من قبل ايران ونظام الاسد في سوريا.

الدعوات لتسليح الأردنيين أو قل الفلسطينيين في الأردن من مليشيات عراقية وسورية وتصريحات خالد مشعل الداعية الأردنيين للخروج للشوارع وعبور الحدود لقتال إسرائيل ليست بريئة فهي مثل أخوة يوسف، والهدف مما يظهر من التحركات الجارية هو السيطرة على الأردن عبر الفلسطينيين المنساقين وراء الشعارات التحريرية الجوفاء، وتمكين حماس أو حركات مماثلة لها في الأردن من السيطرة والعمل بموجب إملاءات المرشد من طهران ولإضافة دولة جديدة لهلال ايران في المنطقة من غزة إلى اليمن للعراق مرورًا بسوريا ولبنان وعبر الأردن إلى الضفة الغربية والأطباق على اسرائيل من جهة وعلى المملكة العربية السعودية من ناحية اخرى.

هناك في إيران ومن يدور في فلكها من يعتقد أن خلاف الأردن مع إسرائيل حول حرب غزة سيجعل إسرائيل تتجاهل الخطر على أمن الأردن من جهة ومن الميلة الأخرى يرى هؤلاء أن المملكة العربية السعودية لن تحرك ساكنا ازاء الاخطار التي تواجه الأردن بسبب قوة وقدرة محور إيران.

يبدو أن من يحاول المس بأمن الأردن لم يحسب حساب الاهمية الكبرى التي توليها دول الخليج لاستقرار المملكة الأردنية الهاشمية واستعدادها لدعم الأردن بكل الوسائل بما فيها العسكرية، وربما نسي هؤلاء ان معاهدة وادي عربة مع اسرائيل تنص بين طياتها على الدفاع المشترك.

الأردن بيت النشامى بلد اصيل وبالرغم من دعوات من بعض بني إسرائيل الحالمين فان هذا البلد لن يصبح يوما وطن بديل لا للفلسطينيين ولا لغيرهم ولا يبقى في الوادي إلا حجارته.

^كاتب وإعلامي متخصص بالشؤون الإسرائيلية والشرق الأوسط. موقع إيلاف