تصاعد العنف وحتمية تسليط الضوء عليه في أجندة الرؤساء الجدد

كتب: خالد خليفة | 11.3.24

يتفاقم في خضم هذه الأيام العنف والقتل غير المفهوم في مجتمعنا العربي، ونستيقظ يوميًا على عمليات اغتيال واستهداف لأشخاص حُكم عليهم ميدانيًا بالإعدام، تشمل كافة القرى والمدن العربية بحيث بدت الحياة لا تطاق في قرانا ومدننا. العنف ينتشر في كافة المناطق من النقب إلى المثلث والجليل والمدن الساحلية، وقد وصل القتل والاغتيال في بعض الأحيان إلى مدن الضفة الغربية وحتى خارج البلاد.

وقد قُتِل فقط في اليومين الأخيرين 7 أشخاص عرب في النقب، المغار، يركا، وباقة الغربية واللد. ولم يُبلّغ عن أي تحقيق جدي قامت به الشرطة لكشف كافة عمليات القتل هذه، بل ركزت على اعتقال 4 أشخاص كانوا متورطين في مقتل امرأة يهودية في كريات آتا. ووصل أعداد القتلى إلى 39 ضحية خلال 70 يومًا منذ مطلع عام 2024. وبعد سجالات وتساؤلات للصحفيين مع الناطقين بلسان الشرطة الإسرائيلية، قالوا بأنهم لا يملكون أي حلول للعنف في الوسط العربي، على الرغم من أن كافة القرى العربية تعِج بالكاميرات الدقيقة والمُخبرين الذين يعملون مع الشرطة.

أما الصحافة العبرية، فبدأت تغطي عمليات القتل، فيوميا تسرد الأرقام بدون أي عواطف وبدون ذكر أسماء الضحايا العرب الذين يُقتلون ولا خلفياتهم. في الوسط اليهودي، تذكر الصحافة الأسماء وتفاصيل العنف هناك، وتعلو نسبة التضامن مع ضحاياه. يمكننا القول بأننا نعرف أسماء الضحايا اليهود، والتي بدأت تزداد يوميًا فردًا فردًا أكثر من الضحايا العرب.

في خلاصة الأمر، ما نراه في الإعلام الإسرائيلي في الآونة الأخيرة هو الفصل التام في تغطية العنف في الوسط العربي عن تغطيته في الوسط اليهودي.

فالعنف في الوسط اليهودي هو انساني نابع عن الحداثة والعلاقات الإنسانية بين الافراد في مجتمع مدني اما تغطيته في الوسط العربي فهو عنف ذا دوافع قبلية وجنائية ورغبات قتل وانتقام غير مفهومة وواضحة المعالم بين افراد المجتمع الواحد. ويمكنني القول ان العنف في الوسط العربي هو نتيجة واضحة لإهمال كبير بكل ما يتعلق بالاستثمار غير العادل بالميزانيات في التربية والتعليم، وزج مجتمع بالكامل الى الهامش الاقتصادي الاجتماعي والمدني في مجتمع سريع التقدم.

فالمجتمع العربي مُهمَل وقيادته لا تقوم بواجبها ولا توضح مسببات العنف لنا كمجتمع انتقالي وللآخرين. أو للسلطة الحاكمة المعنية فقط بسيطرة فئة واحدة على الاخرى والكل يعرف ما أعنيه.

وإذا نظرنا اليوم الى نتائج الانتخابات المحلية الجديدة وظهور رؤساء جدد والصراع على انتخاب رئيس اللجنة القطرية ورئيس لجنة المتابعة فإننا لا نرى ان العنف يتصدر اجندة هؤلاء الرؤساء الذين يتصارعون على المناصب، ولا نراهم يعملون على وضع خطة متكاملة لمواجهة العنف في الوسط العربي. اضافة الى ذلك، فان مجتمعنا يواجه حوادث العمل التي تحصد الكثيرين حيث ان ضحايا هذه الحوادث تصل الى مئة شخص في العام وحوادث الطرق التي تقتل ايضا في مجتمعنا وتضرب اوزاره وتتركه بعيدا في الخلف.

إننا بحاجه الى استراتيجية متكاملة لمواجهة الضربات التي تعصف بمجتمعنا من عنف وحوادث طرق تودي بحياة الكثيرين. إنه من الواجب على القيادة أن تضع مثل هذه الاستراتيجية لمجتمعنا وتقنع كافة المركبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعمل بحزم على كبح هذه الآفات الخطيرة ووضع خطة وبرنامج حديث المعالم وبالتنسيق مع كافة المركبات لإيجاد حل جذري لما يضرب بالصميم في مجتمعنا.

الكاتب هو ناشط جماهيري ومحلل سياسي